نظرية الالتزام في القانون وأهميتها


       تكلم كثير من فقهاء القانون المدني وكثير من الاساتذة حول نظرية الالتزام وما لها من تأثير كبير على علم القانون، ومنهم من شبهها بالعمود الفقري من الجسم، وقال تارد : ان نظرية الالتزام في القانون لها مكان كنظرية القيمة في علم الاقتصاد السياسي، وقد يبالغ البعض وهم محقون طبعًا في أن بعض الفقهاء ذكروا ان ما تحتوية عليه هذه النظرية من حقائق علمية وأجتماعية وإقتصادية وأدبية، يسمو بها إلى أرفع مكان ويقربونها من العلوم الرياضية والطبيعية.

لمزيد من التفاصيل شاهد الفيديو..




– تطور النظرية : 

            قيل سابقًا أن نظرية الالتزام هي أول النظريات التي لها قابلية للتوحيد في شرائع الأمم المختلفة لوحدة الأصل التاريخي وسيادة المنطق بها، وهناك من الفقهاء من هاجم النظرية وهذا وضع جميع النظريات الكبرى لابد من خروج زمرة من المعارضين فذكروا أنها -يقصدون النظرية- لم تتطور وبقيت ثابتة على الزمن وأخذناها عن الرومان كما هي دون تغيير يذكر، والحقيقة أن النظرية تطورت كثيرًا منذ الرومان إلى هذا اليوم، كما سنرى تباعًا..

 تأثر النظرية بالعوامل الاجتماعية :
نظرية الالتزام توسعت وأثريت وتأثرت تأثيرًا واضحًا وكبيرًا بسبب النظريات الإشتراكية وما شابهها، والامثلة كثيرة: كعقد العمل الذي بدأ يزدحم بالقواعد والأحكام التي تهدف إلى حماية العمال وإلى التوسع في حقوقهم التي لم تكن لهم من قبل، كحرية الاجتماعات وتكوين النقابات وحق الاضراب.
وعقود الإذعان، التي تدخلت الدولة في تنظيمها حتى لا يٌترك المستهلك دون حماية لانه الجانب الضعيف، ونظرية الغبن التي أخذت منحى آخر حيث كانت تترك الفرد حرًا في تعاقده يلتزم بما أراد مهما أصابه من غبن في ذلك، وهي بذلك أصبحت نظرية عامة تنطبق على جميع العقود على خلاف ما كانت تقضي به النظريات الفردية.

– تأثر النظرية بالعوامل الاقتصادية : 

لقد كان للعوامل الاقتصادية الاثر الاكبر ايضًا في اثراء نظرية الإلتزام حيث كان من شأن السرعة في تداول الأموال أن يظهر أو يبرز الجانب الشخصي، والظواهر الاقتصادية الأخرى كأستعمال المكائن والآلات الميكانيكية عملت على أستغلال القوات الطبيعية استغلال اقتصادي، اقترن كل ذلك بمخاطر تستهدف الناس أثناء العمل وغيره، فأسس نظرية المسئولية على الخطأ المفروض، ونظرية تحمل التبعة. وتوسع نطاق عقد التأمين وأصبح يشتمل على أنواع مختلفة وجديدة، حيث توسعت نظرية الاشتراط لمصلحة الغير، وكان لظاهرة إقتصادية جديدة أدت إلى تجمع رؤوس الأموال للإنتاج على أثر تقدم الصناعة، هذا التطور أدى إلى إنشاء مجموعة من العقود الجماعية والعقود النموذجية وعقود جديدة كألتزام المرافق العامة.
كل ذلك بسبب الحربين العالميتين الآخيرتين الاولى والثانية  التي كونت نظريات مثل نظرية الظروف الطارئة ونظرية الوفاء بعملة نقص سعرها، وما يتصل بذلك من "شرط الذهب" في التسعير الجبري للسلع والأجر.

– تأثر النظرية بالعوامل الأدبية :

         لك أن تعلم أنَّ الغش يُفسد العقود، وتأثيرات العوامل الأدبية كبيرة وقديمة في الألتزام، ونظرية التعسف في إستعمال الحق، والمبدأ القاضي بأنه لا يجوز الأتفاق على ما يخالف الآداب والنظام العام، هذه النظريات مليئة بالروح الأدبية، وهي تحارب سوء النية وتضرب على أيدي المتلاعبين بالأخلاق والآداب العامة،وهناك الالتزامات الطبيعية ، وهي التزامات تمت بصلة متينة إلى قواعد الأخلاق ، يعترف بها القانون ويضع لها نوعاً من الجزاء ، فتمتزج المثل الأدبية بالقواعد القانونية حتى تصبح شيئا واحداً، هذا إلى أن المصادر غير التعاقدية للالتزام إنما تقوم على أساس متين من القواعد الأدبية.

         هناك التزام بوجوب الإمتناع عن الأضرار بالغير دون حق، كذلك مبدأ الإثراء بلا سبب يمنع الشخص من أن ينتفع على حساب غيره، والإلتزامات التي يكونها القانون مثل التزامات حسن الجيرة والتزامات التعامل الحسن مع أفراد الأسرة بعضهم ببعض، وهي عبارة عن أوامر ونواه أدبية تقضي العطف على الجار والكف عن الاذى والبر والاحسان وما إلى ذلك من صلة الآرحام.


         أن القانون إنما يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر لا نكون مبالغين في هذا القول ، ونكون قد دللنا في الوقت ذاته على أن القانون والأخلاق شيئان متلازمان .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإجازة والتقادم في العقود

التصرفات الناقلة والكاشفة | الحقوق العينية

هل دراسة القانون سهله أم صعبة ؟